تظاهرات وإضرابات المعلمين في العراق تتواصل
في الوقت الذي دخلت فيه الاحتجاجات والاعتصامات التي يقودها المعلمون والملاكات التدريسية في العراق، يومها الثاني، للمطالبة بزيادة مرتباتهم ومخصصاتهم المالية، بالإضافة إلى قطع الأراضي، أعرب «مركز العراق لحقوق الإنسان»، عن استنكاره لما وصفها بـ«الاعتقالات العشوائية» و«الدعاوى الكيدية» التي طالت عدداً من المعلمين، ولا سيما بعض القيادات النقابية المشاركة في الحراك الاحتجاجي الحالي، دون توجيه تهم قانونية واضحة، وبأساليب اعتبرها تمس كرامة المعلم وتشوّه صورته في المجتمع.
وقال في بيان إن «عمليات الاعتقال التي تمت بحق المعلمين، خاصة أولئك الذين يمثلون صوتًا نقابيًا مطلبيًا، تُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان، وتتنافى مع مبادئ الدستور العراقي، لا سيما المادة (38) التي تكفل حرية التعبير والتظاهر السلمي». وأشار إلى أن الحقوقي علي عبد علي المياحي، أحد أعضاء المركز وممثلي التربويين في بغداد، صدرت بحقه مذكرة اعتقال، إلى جانب التربوي مالك هادي، مشدداً على أن هذه الإجراءات تُسهم في ترهيب شريحة المعلمين، خاصة مع التقارير التي تفيد بأن جهات أمنية قامت بزيارة بعض المدارس وأماكن العمل بأساليب ترهيبية مسيئة لصورة المعلم.
وحذر المركز من أن هذه الممارسات قد تنعكس سلبًا على انطلاقة الفصل الدراسي الحالي، لما تسببه من أثر نفسي ومعنوي بالغ على المعلمين.
وطالب المركز رئيس مجلس الوزراء، ولجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، ولجنة التربية، ووزير التربية باتخاذ موقف أخلاقي ووطني، ووقف جميع أشكال الملاحقة القانونية والتضييق على المعلمين، والاستماع لمطالبهم المشروعة والعمل على تلبيتها.
الاستماع للمطالب
في حين حث رئيس تحالف «قوى الدولة الوطنية»، عمار الحكيم، مجلس الوزراء، على الاستماع لمطالب شريحة المعلمين المشروعة.
وقال في بيان صحافي: نتضامن مع شريحة المعلمين الذين يعانون الإجحاف في رواتبهم، ويطالبون بتحسين سلم الرواتب.
وأضاف: نحث مجلس الوزراء على الاستماع لمطالب (المعلمين) المشروعة، وإنصافهم مراعاة لهم ولعوائلهم، وحسب الضوابط والإمكانيات المتوفرة، نظرا للظروف المعيشية التي يعانيها الكثير منهم.
وكانت نقابة المعلمين العراقيين قد قدّمت مطالب المعلمين الى رئيس مجلس الوزراء، والتي تمثّلت بـ«إنشاء الأحياء السكنية الخاصة بالكادر التربوي والتعليمي في بغداد والمحافظات، وزيادة المخصصات المهنية لتكون بنسبة 100٪، وزيادة في صرف مخصصات الموقع الجغرافي وصرف أجور النقل للمشرفين التربويين، وتضمين الموازنات المالية للمديريات العامة في بند خاص بهذه الأجور لضمان صرفها بشكل دوري ومستمر، وصرف مبلغ نظير تسهيل عمل إدارات المدارس وبمقدار 150 ألف دينار لكل فصل دراسي، وشمول جميع العاملين بصفة عقود على ملاك وزارة التربية بالتثبيت»، وغيرها من المطالب.
على إثر ذلك أعلن مجلس الوزراء موافقة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على تخصيص قطع أراضٍ سكنية للهيئات التعليمية والتدريسية كافة، مع ضمان توفير الخدمات الأساسية لها، وذلك دعمًا للواقع المعاشي لشريحة المعلمين في العراق.
وذكر بيان رسمي أن القرار جاء خلال اجتماع المجلس التنسيقي برئاسة السوداني، وبحضور وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري وعدد من الوزراء والمحافظين، حيث جرى بحث سبل تحسين بيئة المعلم وضمان حقوقه السكنية والمعيشية.
وأشار البيان إلى أن هذه الخطوة تأتي تتويجًا لجهود حثيثة بذلتها وزارة التربية بالتعاون مع نقابة المعلمين المركز العام، في سبيل دعم حقوق الملاكات التربوية وتوفير بيئة سكنية تليق بمكانة المعلم العراقي.
وأكدت الجهات الحاضرة في الاجتماع التزامها بتسهيل الإجراءات المتعلقة بتخصيص الأراضي، والعمل على تهيئة البنى التحتية اللازمة لضمان تنفيذ القرار على أرض الواقع في أقرب وقت ممكن.
في السياق، أوصت لجنة التربية في البرلمان العراقي، مجلس الوزراء، بعرض مطالب وفد ممثلي الكوادر التعليمية والتربوية، خلال جلسته المقبلة، والتي تمثلت بزيادة مخصصات منتسبي وزارة التربية، فضلاعن تثبيت جميع عقود الوزارة، وتوزيع أراضٍ للمعلمين.
وذكرت اللجنة في بيان أنها استضافت وفدًا من ممثلي الكوادر التعليمية والتربوية والعقود من مختلف محافظات العراق، بحضور عدد من أعضاء اللجنة، وذلك في إطار «حرصها» على التواصل المباشر مع الشريحة التربوية والاطلاع على أبرز التحديات التي تواجههم.
وجرى خلال اللقاء، مناقشة جملة من المعوقات التي «تعيق عمل الكوادر التربوية، إلى جانب استعراض المطالب المشروعة للعاملين في قطاع التربية، والبحث في سبل الاستجابة لها بصورة عاجلة بما يسهم في تحسين أوضاعهم وضمان حقوقهم»، حسب البيان.
ونقل البيان تأكيد رئيسة اللجنة سعاد جبار الوائلي أن «لجنة التربية وضعت منذ بداية عملها مهمة دعم وإنصاف منتسبي وزارة التربية على رأس أولوياتها»، مشيرة إلى أن اللجنة تسعى جديًا لمعالجة المشاكل التي تعاني منها المنظومة التربوية، من خلال تشريع قوانين تهدف إلى النهوض بالواقع التعليمي وتحسين المستوى العلمي والمعيشي للمعلمين والمدرسين، إلى جانب متابعة تنفيذ تلك القوانين بالتنسيق مع الجهات التنفيذية ذات العلاقة.
واستمعت اللجنة إلى مطالب الوفد الزائر، وجدّدت تأكيدها على «دعم هذه الشريحة المهمة»، مشددة على أنها لن تدخر جهدًا في مخاطبة الجهات المعنية، وفي مقدمتها رئاسة الوزراء، من أجل ضمان الاستجابة لمطالبهم العادلة.
وأشار البيان إلى أن المطالب التي قُدّمت إلى اللجنة خلال الاجتماع، تضمنت دعوة الحكومة إلى زيادة مخصصات منتسبي وزارة التربية، بما في ذلك المخصصات المهنية، استنادًا إلى المادة (1) ثانيًا من قانون حماية المعلمين والمدرسين والمشرفين والمرشدين التربويين، والتي تنص على ضرورة رفع المستوى العلمي والمعيشي للمعلمين.
كما طالب الوفد بمضاعفة الخدمة الوظيفية، وأشار إلى وجود مسودة قانون بهذا الشأن أعدّتها اللجنة تمهيدًا لإدراجها ضمن جدول أعمال المجلس للقراءة الأولى.
كذلك دعت اللجنة إلى توجيه المحافظين لتخصيص قطع أراضٍ للمعلمين في كل محافظة، مع مراعاة ما نص عليه البند ثانيًا من المادة (6) من قانون حماية المعلمين، بما يضمن تسهيل تطبيق هذا الحق ومنحهم إمكانية التوسعة في حال تعذر توفير الأراضي المناسبة.
من جانب آخر، طالبت اللجنة بإدراج فقرة في موازنة عام 2025، تتضمن تثبيت جميع عقود وزارة التربية، سواء عقود الأمن الغذائي، أو عقود الخمسين ألف درجة المنصوص عليها في المادة 66 (سادساً وثامناً) من قانون الموازنة للأعوام 2023، 2024، و2025، بالإضافة إلى عقود المحاضرين والإداريين التي وردت في المادة 67 (ثانيًا) من القانون ذاته.
دعم الكوادر التربوية
وفي ختام اللقاء، أكدت لجنة التربية النيابية استمرارها في دعم الكوادر التربوية، إيماناً منها بأهمية التعليم في بناء مستقبل العراق وتنمية أفراده، باعتباره الأساس الذي تُبنى عليه الحضارات، على ما ورد في البيان.
وينتظر المعلمون والكوادر التربوية النتائج التي ستخرج بها جلسة مجلس الوزراء التي من المقرر عقدها اليوم الثلاثاء، بخصوص مطالبهم.
التعليقات
اضافة تعليق