جنرال إسرائيلي يكشف شهادة مثيرة عن عملية طوفان الأقصى
بعد ثمانية أشهر على اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة، وفيما لا زال الاحتلال يعضّ أصابعه ندماً على إخفاقه أمام عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، فإن أجواء الإحباط ما زالت مسيطرة على صفوف قياداته العسكرية العليا التي لم تكن مستعدة بشكل مناسب للدفاع ضد هجوم حماس.
ولم تسع قيادة جيش الاحتلال للسيطرة بشكل يؤثر على أبعاده، مما جعلها أمام فشل عملياتي ومهني، واللافت أن ذات القيادة هي التي تستمر في قيادة الجنود إلى المعركة في قلب غزة، مع أنهم يستحقون قيادة مختلفة للغاية.
آخر هذه الإحباطات كشفها الجنرال خانوخ دوبا، الذي أكد أن "السابع من أكتوبر سيبقى فشلا ذريعا على المستوى الوطني والاستراتيجي والعسكري والتكتيكي وغيرها من المستويات، ورغم أنه كتب الكثير عن هذا الفشل، لكن ما زالت له وجوه عديدة لم يكتب عنها، ولم يتم تحليلها بتفصيل كاف، أهمها فشل القيادة التكتيكية العليا، لقد قيل الكثير عن الإخفاقات على المستوى المفاهيمي والاستراتيجي، لكن لا أحد يتحدث عن الدفاع في فرقة غزة والأسلوب التكتيكي الذي اتبعته".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، أن "هجوم السابع من أكتوبر وقع بينما الجيش على أهبة الاستعداد لاستخدام القوة مع سيناريو التهديد الخطير، حيث يتم تدريب الجميع، سواء قائد فرقة غزة أو جندي المشاة، على الاستعداد للدفاع في مواجهة، حيث يقوم اختبار القدرة على افتراض أنه سيكون هناك اختراق في قطاعهم صباحا، وهو السيناريو الخطير لهجوم العدو، وهذه هي المسؤولية الهائلة الملقاة على عاتق من يتولى حماية حدود مستوطنات غلاف غزة".
وشارك دوبا في معارك السابع من أكتوبر في مستوطنات غلاف غزة، وخاض الحرب في غزة ضمن الكتيبة 77، ثم حلّ محل قائد الكتيبة 53 الذي سقط في المعارك، وحصل على وسام رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت بسبب دوره في حرب لبنان الثانية.
وقال إن يوم السابع من أكتوبر كان سيبدو مختلفا لو أن التفكير الجماعي لقيادة الجيش لم يعتمد الأنماط السلوكية الثابتة، وبالتالي فلم تستوعب تلك القيادة أن مجموعة مسلحة من غزة ستفكر بتنفيذ هجوم بهذا الحجم الضخم.
وكشف أن جميع القادة العسكريين عادوا إلى منازلهم خلال عطلة الأعياد، رغم أنهم مدركون أن "شيئا ما" كان على وشك الحدوث، مع أن هذا الإدراك كان يجب أن يترجم على المستوى التكتيكي إلى إعداد واستعداد للقوات التي فوجئت صباح السابع من أكتوبر بالهجوم القادم من قطاع غزة، لكنها للأسف لم تنجح في صدّه، والأخطر من ذلك أن معظم كبار قادة الجيش في مراكز القيادة والسيطرة لم يجتهدوا في خلق صورة عالية الجودة لإعادة الوضع إلى طبيعته في أسرع وقت ممكن.
وأوضح أنه بدلاً من ذلك، انتهى الأمر، وتم تأجيل الاستنتاجات "حتى نهاية الحرب"، وقد مرّ أكثر من سبعة أشهر منذ ذلك الحين، وأغلب القادة الذين فشلوا ما زالوا يخدمون في مواقعهم، ويواصلون إرسال المقاتلين إلى النار، ليس هذا فحسب، بل تم خلق أسطورة مفادها أن الجيش بشكل عام، والفرق المناورة في غزة بشكل خاص، يشهدان انتعاشا إعجازيا، حيث "استيقظت" القوات والقادة، ويبدو أنهما يعملان بشكل جيد لتحقيق النصر على كافة المستويات، لكن الأمر ليس كذلك، فإن أداء وإنجازات المستوى العملياتي في القيادة الجنوبية ليست مرضية، وليست فعالة بما فيه الكفاية، لأنهم يهدرون القوة البشرية والذخيرة، ولا يواكبون وتيرة التغيير والتحدي الذي خلقه العدو، وهي حماس.
وأوضح أنه بعد أكثر من سبعة أشهر لا بد من التساؤل: هل يسلم الجيش البضاعة المطلوب منها تسليمها للدولة والإسرائيليين؟ هل الواقع الذي يعيشه القادة الذين هزمهم العدو في غلاف غزة، ويحاولون يوما بعد يوم، وساعة بعد ساعة غسل عارهم الشخصي بالاستمرار في إرسال الجنود إلى الجحيم، هل هذا مقبول لدى الإسرائيليين، الذين يرون عدم استخلاص الدروس من القادة الذين فشلوا، وتسببوا بمشاهد غير مسبوقة في تاريخ الدولة، ولا يقل خطورة عن ذلك الصمت العام في مواجهة رفض القيادة السياسية العليا العنيد لتحمل المسؤولية.
وأكد أنه بالنظر إلى حجم الفشل في الوفاء بمسؤولية القيادة، لا زلنا بانتظار قائد واحد يتحملها في 2024، لكن لسوء الحظ، فإن معظم قادة الجيش "يسبحون مع التيار" ويحاولون، لاعتبارات انتهازية، تحدي الثقافة التنظيمية العسكرية، والتساوق مع السيطرة السامة السائدة في صفوف السياسيين، ومحاولة تعميمها على صفوف العمليات في الجيش، والمساعدة في "دحرجة الخدعة" على طول الطريق إلى مبنى هيئة الأركان العامة في تل أبيب، مقر مكتب رئيس الأركان.
وأشار إلى أنه رغم الخسائر التي لا يمكن تصورها للجنود والقادة الميدانيين في غزة، فلا بد من الاعتراف بأن العمل العسكري لم يحدث تغييراً استراتيجياً في تلك البيئة، ولم يحقق إنجازاً جديراً بتحسين أمن دولة الاحتلال، صحيح أن المستوى السياسي له دور كبير في هذا الوضع، مما قد يكون كارثياً على مستقبلها، لكن القيادة العسكرية التي فشلت في أكتوبر مطالبة بالعمل على "تنظيف الإسطبلات"، ووضع الجيش على أساس جديد وصحيح، دون التواطؤ في الفشل الذي حصل آنذاك، ويحصل في هذا الوقت.
التعليقات
اضافة تعليق