طالبان استعراض القوة وتحديات الحكم
بعد 3 سنوات، وتحديدا في قاعدة باغرام الجوية التي كانت مقرا لقيادة القوات الأميركية في أفغانستان خلال فترة احتلالها (2001-2021)؛ احتفلت حركة طالبان بالذكرى الثالثة لعودتها إلى الحكم بعرض عسكري ضخم بالمدرعات والطائرات والأسلحة التي تركتها القوات الأميركية وراءها بعد انسحابها من البلاد.
الاحتفالات هذه السنة -والتي شهدت مثلها أيضا بقية المدن والولايات الأفغانية- كانت أكبر من قبل، واعتبرها المراقبون استعراضا للقوة في مواجهة ضغوط دولية متزايدة على حكم طالبان، ورأوا أن الحكومة أرادت توجيه رسالة إلى الداخل الأفغاني والخارج بأنها مسيطرة على الأوضاع في البلاد.
وكان من اللافت للنظر ظهور العديد من قيادات طالبان والوزراء في حكومة تصريف الأعمال في وسائل الإعلام المحلية والخارجية بهذه المناسبة والتحدث عن إنجازات الحركة خلال فترة حكمها المنصرمة، وهو ما وصفه بعض المحللين بأنه استعراض للوحدة في صفوفها ونفي للخلافات داخل قياداتها، في الوقت نفسه واجهت الحركة العديد من الانتقادات.
ذكرى التحرير وحديث عن المكتسبات
وترى قيادات طالبان أن الحركة خاضت جهادا وحربا للتحرير وانتصرت في معركتها ضد قوات الاحتلال الأميركي والتحالف الدولي، إذ تمكنت من تحرير البلاد مع انسحاب آخر جندي أميركي من الأراضي الأفغانية في نهاية أغسطس/آب 2021 والذي سبقه سقوط كابل بأيدي مقاتلي الحركة وهروب الرئيس الأفغاني محمد أشرف غني من البلاد في منتصف الشهر.
وبعد شهر تقريبًا من سيطرتها على كامل التراب الأفغاني، شكّلت حركة طالبان إدارة سمّتها حكومة تصريف الأعمال لإدارة شؤون البلاد، وبذلك بدأت مرحلة جديدة في مسيرة الحركة، حيث تحولت من جماعة مسلحة تقاوم الاحتلال الأجنبي، إلى إدارة تسلّمت زمام الحكم وتدير أفغانستان.
وبمناسبة الاحتفالات بتلك الذكرى الثالثة، جاء في البيان الصادر عن حكومة أفغانستان "قبل 3 سنوات، في 14 من شهر أغسطس/آب، فتحت كابل وتحررت أفغانستان من الاحتلال الأميركي.. نحن نعاهد بأننا سنحافظ على النظام الإسلامي الذي حكّم دين الله وشريعته في البلاد، ووفّر السلام والأمن والاستقرار للشعب وهيأ أسباب بناء الوطن ماديا ومعنويا".
وأضاف البيان "كان الهدف الأصلي من الجهاد هو إعلاء كلمة الله وتحكيم دينه على أرضه، وإن الإمارة الإسلامية تعتبر تطبيق دين الله وشريعته أولى أولوياتها".
وحذّر زعيم الحركة هبة الله آخوند زاده -الذي يتخذ من مدينة قندهار مقرا له بدلا من مدينة كابل العاصمة الرسمية لأفغانستان- من التفرق والاختلاف في صفوف الشعب والمسؤولين، ودعا في كلمته أثناء العرض العسكري في مطار قندهار إلى "الوحدة والعدل ونبذ العصبيات والظلم الذي تنهار بسببه الدول".
ومن جهته، اعتبر نائب رئيس الوزراء للشؤون السياسية المولوي عبد الكبير أن عودة طالبان للحكم "نهاية للكوارث التي حلت بأفغانستان خلال نصف قرن مضى".
وقال وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال سراج الدين حقاني إن "الشعب الأفغاني قدم تضحيات كبيرة جدا وحصل على استقلاله، وسنبقى ندافع عن المكتسبات التي أريقت لأجلها الدماء".
وعن العلاقات الخارجية لأفغانستان، قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال المولوي أمير خان متقي -في مقابلة مع قناة بي بي سي- إنه "بالرغم من عدم الاعتراف الرسمي بحكومة الإمارة الإسلامية، فإن دول العالم والمنطقة تتعامل معها".
وأشار إلى أن "الرئيس الصيني استقبل سفير أفغانستان في بكين وتسلم أوراق اعتماده، كما أن لدينا 39 ممثلية دبلوماسية وقنصلية في مختلف دول العالم، وهناك تبادل للزيارات الرسمية على مستويات عليا بين بلدنا والعديد من الدول، وهذا يعني أننا نقترب تدريجيا من التعامل الكامل".
لفلسطين وغزة نصيب في الاحتفالات
وكان لغزة وفلسطين حضور في الاحتفالات ونصيب في كلمات قيادات حكومة طالبان، إذ ختم آخوند زاده كلمته بالدعاء للشعب الفلسطيني وتحرير المسجد الأقصى، قائلا "اللهم انصر إخواننا في فلسطين كما نصرتنا في أفغانستان، وأنقذهم من الوحشية والظلم الذي يمارس عليهم، وأنزل عذابك على إسرائيل مثلما أنزلته على فرعون ونمرود، وأنعم علينا لنرى المسجد الأقصى محررا بعيوننا".
وأما حقاني، فقال مخاطبا الشعب الفلسطيني "مثلما حصل الشعب الأفغاني بعد كفاح طويل وشاق على الحرية، سيأتي اليوم الذي ستحصلون فيه أيضا على الحرية والاستقلال".
وفي معرض رده على سؤال موفد "بي بي سي" الخاص عن موقف حكومة الحكومة الأفغانية حول القضية الفلسطينية وما يجري في غزة، يقول متقي "قضية فلسطين هي قضية الأمة الإسلامية بالدرجة الأولى، واليوم هناك دول غير إسلامية تصوت لصالح فلسطين وتعترف بدولتها، وتعتقد الحكومة أن إسرائيل غاصبة ومعتدية وظالمة، ونحن نستنكر هذا الظلم والعدوان على الشعب الفلسطيني".
وجدير بالذكر أن الاحتفالات والعروض العسكرية تمت في أنحاء البلاد دون وقوع حوادث أو مشكلات أمنية، بالرغم من قيام عناصر "تنظيم الدولة-ولاية خراسان" بتبني هجمات وتفجيرات في مناسبات وتجمعات سابقا، وهو ما يعتبره المراقبون دلالة على نجاح طالبان في إضعاف التنظيم والحد من أنشطته بعد ضربات وجهت له في الأشهر الأخيرة.
التعليقات
اضافة تعليق