image

image
اخبار عربية / الأربعاء 15 مايو 2024

المخترع المغربي رشيد اليزمي

رشيد اليزمي عالم ومخترع مغربي، ولد عام 1953. يلقب بـ"أبي البطارية" لأنه أول من اخترع "أنود الغرافيت" لتطوير بطاريات الليثيوم القابلة للشحن، كما ابتكر تقنية تمكّن من شحن بطاريات الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية في مدة قياسية.

 

لديه ما لا يقل عن 180 براءة اختراع، ونشر أكثر من 250 بحثا علميا، وبفضل إنجازاته العلمية تم تصنيفه ضمن أهم 10 شخصيات مسلمة في العام 2015.

 

أخبره أستاذه وهو تلميذ في سن الـ12 بأنه سيكون عالم كيمياء، كما أن خطأ وبّخه عليه أستاذه في جامعة غرونوبل قاده إلى أعظم ابتكاراته.

 

المولد والنشأة

 

ولد رشيد اليزمي يوم 16 أبريل/نيسان 1953 لأسرة فقيرة في مدينة فاس شمالي وسط المملكة المغربية، ونشأ بها في منطقة تسمى حي الشهداء، وتلقى فيها تعليمه الابتدائي والثانوي.

 

هو الثاني بين سبعة إخوة أشقاء، تلقى تربية صارمة من والده الذي كان بائعا لمنتجات الألبان. اكتشف والده ذات يوم أن معلمه لم يحاسب ابنه على أخطائه في أحد الواجبات، ولما تكرر منه الأمر نفسه للمرة الثانية سحب ابنه من المؤسسة رغم توسلات معلمه.

 

عرف بطموحه الكبير مند صغره، وكانت له ميولات علمية مبكرة وخاصة في الجيولوجيا، ويقول في تصريحات صحافية إن أستاذه في الفيزياء والكيمياء بثانوية مولاي رشيد، وكان عمره حينئذ بين 11 و12 عاما، قال له ذات يوم "أنت ستكون عالما في الكيمياء"، وأعاد العبارة نفسها على مسامعه أحد أساتذته في جامعة غرونوبل بفرنسا بعد أن التحق بها طالبا في سلك الدكتوراه.

 

بعد إنهائه التعليم الثانوي بفاس، انتقل بين عامي 1971 و1972 إلى مدينة الرباط لمواصلة تعليمه الجامعي بكلية العلوم في جامعة محمد الخامس.

 

في تلك الفترة عاش المغرب حالة من عدم الاستقرار السياسي في ظل محاولة انقلاب عسكري في قصر الصخيرات يوم 10 يوليو/تموز 1971، ومحاولة اغتيال الملك الحسن الثاني بعد مهاجمة طائرته في أغسطس/آب 1972. وعاشت الجامعات المغربية في تلك الفترة على وقع الإضرابات والمداهمات الأمنية.

 

وفي سبتمبر/أيلول 1972، وبعد أن أمضى عاما واحدا في كلية العلوم، قرر مغادرة المغرب نحو فرنسا. وكان أحد أعمامه هو من جمع له المال اللازم لشراء تذكرة السفر، وهناك بدأ مرحلة جديدة أثرت في حياته ومساره العلمي والمهني.

 

الدراسة والتكوين العلمي

 

بعد حصوله على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) من ثانوية مولاي إدريس بمدينة فاس في شعبة العلوم الرياضية عام 1971، التحق بكلية العلوم بجامعة محمد الخامس بالرباط حيث قضى عاما واحدا، وانتقل بعدها في سبتمبر/أيلول 1972 إلى مدينة روان الفرنسية، حيث التحق بالأقسام التحضيرية للمدارس العليا، قبل أن يلتحق عام 1975 بالمعهد المتعدد التقنيات في جامعة غرونوبل "آي إن بي".

 

ومن بين 6 مدارس هندسية متخصصة في الجامعة، اختار تخصص الكيمياء، وكان يميل كثيرا للاشتغال في تخصص الكيمياء الكهربائية، ليبدأ مسارا غنيا بالأبحاث والاختراعات.

 

عام 1978 حصل على ماجستير في الهندسة وعلوم المواد والكيمياء الكهربائية، وبعدها حصل سنة 1985 على درجة الدكتوراه في مختبر "امتزاز وتفاعل الغاز على المواد الصلبة"، ويعتمد مبدأ الامتزاز على خاصية المواد الصلبة (المدمزة) لتثبيت غازات معينة (الممتصة) على سطحها.

 

في الفترة 1979-1980، وخلال إعداد أطروحته، اكتشف "أنود غرافيت" المستخدم اليوم في معظم بطاريات الليثيوم أيون، حيث تمكن من إدماج الليثيوم في الغرافيت بطريقة عكسية، مما مكّن من تطوير أول بطارية ليثيوم قابلة لإعادة الشحن. ومنذ ذلك الحين، استمرت بطاريات "لي-أيون" في التطور من حيث التركيب الكيميائي وكثافة الطاقة.

 

وفي عام 1981 طور مواد الكاثود المعتمدة على أكسيد الغرافيت وفلوريد الغرافيت لبطاريات الليثيوم، وبعد عامين طور مواد الغرافيت المقحمة بكلوريد المعدن لبطاريات الليثيوم القابلة لإعادة الشحن، وعام 1984 درس المواد المغناطيسية الثنائية الأبعاد.

 

خطأ قاده إلى أول اختراعاته

 

كان من قدره أن يكون خطأ ارتكبه خلال حصة تطبيقية وهو طالب في سلك الدكتوراه المفتاح الذي فتح أمامه الطريق نحو أحد أهم الاختراعات في القرن العشرين.

 

وقال اليزمي إنه ذات يوم وفي حصة تطبيقية كان يجرب بطارية ففرغت من شحنتها، وكانت البطاريات حينها غير قابلة للشحن. فتساءل كيف لا تقبل إعادة الشحن؟ وقرر أن يحاول شحنها. ولما رآه الأستاذ المشرف غضب من تلك المحاولة، وصرخ في وجهه مستنكرا تلك المحاولة، واتهمه بالحمق.

 

اعتبر أن تلك الواقعة السلبية هي التي جعلته يطرح السؤال: لماذا لا تكون البطارية قابلة لإعادة الشحن؟ وبقي هذا السؤال يقود فضوله الذي أدى به إلى أحد أكبر الاختراعات في القرن العشرين.

 

لما حصل على دبلوم الهندسة عام 1978 وبدأ في البحث العلمي في مجال البطاريات، وبعد عام، وبالضبط في أواخر 1979، خطرت بباله فكرة دمج الليثيوم والغرافيت، رغم علمه بمحاولة العديد من العلماء والباحثين القيام بذلك، وفشلهم على أساس أنه يستحيل إدخال العنصرين معا في خلية إلكتروكيميائية مثل البطارية.

 

ففكر في استعمال عازل صلب بين المادتين بدل العازل السائل كما كان معمولا به من قبل، وبعد 15 يوما من العمل في التجربة، فتح الخلية ولاحظ أن الغرافيت أصبح لونه ذهبيا، مما يعني أن الليثيوم اندمج معه. وبعد شهر فهم أن الغرافيت يمكن أن يستعمل قطبا سالبا في بطاريات الليثيوم.

 

التجربة العلمية

 

يعد اليزمي مرجعا في عالم التخزين والبطاريات، وهو المجال الذي قدم فيه إنجازات علمية كبيرة تم تصنيفه على إثرها ضمن أهم 10 شخصيات مسلمة عام 2015.

 

يقدر موقع "المكتب العالمي لبراءة الاختراع" في جنيف عدد براءات الاختراع التي سجلها اليزمي بـ180، إضافة إلى نشره أكثر من 250 بحثا علميا.

 

بدأ مسلسل ابتكاراته عام 1980 بابتكاره الأبرز الذي هو "أنود الغرافيت"، الذي يعتبر ركيزة لتقنيات بطاريات الليثيوم، التي أصبحت مهيمنة في عالم التخزين. وهذا الاختراع تصل قيمته إلى 50 مليار دولار على الأقل، كما أن بطاريات الليثيوم أيون عملت على تشغيل 15 مليار جهاز محمول و26 مليون سيارة كهربائية في جميع أنحاء العالم خلال عام 2023.

 

تعاون في مجال البحث مع وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في برنامج يهدف لإرسال مركبات فضائية تعمل بالبطاريات القابلة للشحن إلى كوكب المريخ. وتُوّجت تلك البحوث عام 2005 بإرسال مركبة إلى المريخ تستعمل بطاريات ليثيوم تشحن بالطاقة الشمسية لأول مرة.

 

في 2014 تم اختياره عضوا شرفيا في أكاديمية الملك الحسن الثاني للعلوم والتكنولوجيا، وبعدها بعام تمكّن من اختراع تقنية جديدة وغير مسبوقة، أطلق عليها اسم "إن إل في" تُمكّن من شحن بطاريات الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية في زمن قياسي لا يتجاوز 10 دقائق.

 

هذه التقنية الجديدة اعتبرتها شركة "تيسلا موتورز" الأميركية، المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية، "حلا سحريا" لمنتجاتها التي تغزو العالم شيئا فشيئا.

 

خلال عام 2023 أسهم إلى جانب 3 علماء آخرين، هم البروفيسور مارتن أندرو غرين (أستراليا) والبروفيسور ستانلي ويتنغهام (الولايات المتحدة الأميركية) والبروفيسور أكيرا يوشينو (اليابان)، في إنشاء منصة مستدامة للطاقة الخضراء من خلال الإنتاج بالخلايا الشمسية والتخزين ببطاريات الليثيوم أيون.

 

التجربة المهنية

 

بعد حصوله على الدكتوراه من جامعة غرونوبل في فرنسا عام 1985، بدأ حياته المهنية في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي الموجود في المدينة نفسها. وتدرج في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبح مديرا للأبحاث في المركز (1998-2007).

 

وتنوعت الوظائف والمناصب التي تولاها بين المجال الأكاديمي ومجال الأعمال:

 

ففي المجال الأكاديمي:

بدأ عمله باحثا زائرا في جامعة كيوتو بين عامي 1988 و2000. وتولى إدارة الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي بين عامي 1998 و2007.

 

عيّن أستاذا زائرا في معهد كاليفورنيا للتقنية في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميركية، بالتعاون مع مختبر الدفع النفاث بوكالة ناسا بين عامي 2000 و2010.

 

عام 2010 انضم إلى جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة أستاذا زائرا في الكيمياء وعلوم المواد. ويعمل أستاذا زائرا في جامعات أخرى عبر العالم.

 

وفي مجال الأعمال:

 

دخل مجال الأعمال بشكل بارز مند عام 2007 حين أسس شركة ناشئة في كاليفورنيا لتطوير وتسويق اكتشافاته الحاصلة على براءة اختراع، وخاصة فيما يتعلق ببطاريات أيونات الفلورايد.

 

وفي 28 يناير/كانون الثاني 2011 أسس شركة ناشئة في سنغافورة مختصة بتطوير تكنولوجيا زيادة عمر البطاريات ورفع مستوى الأمان فيها لتوسيع استخدامها في وسائل التخزين في الأجهزة الإلكترونية المحمولة وتطبيقات السيارات الكهربائية.

 

وفي يناير/كانون الثاني 2021 أسس المركز المتميز للبطاريات بالجامعة الخاصة في مدينة فاس المغربية، وقاد مباحثات مع مستثمرين في جميع أنحاء العالم لإنشاء معمل لصناعة البطاريات التي يطلق عليها "غيغا فاكتوري" بالمغرب.

 

ويهدف المشروع لتهيئة التقنيين والمهندسين والباحثين المغاربة وغيرهم في مجال صناعة البطاريات، نظرا لعدم وجود أي مركز في المغرب أو أفريقيا مختص بهذا النوع من البطاريات، إضافة إلى تهيئة المهندسين والباحثين للحصول على الدكتوراه بشراكة مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس وجامعة مولاي إسماعيل في مكناس.

 

ويعمل على إنشاء معمل آخر لصناعة الشاحن السريع للسيارات الكهربائية بالمملكة المغربية.

 

الوظائف والمسؤوليات

 

بين عامي 1988 و1990 عمل أستاذا زائرا بجامعات كيوتو في اليابان.

بين عامي 1998 و2007 عيّن مديرا للبحوث في المركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا.

ما بين 2003 و2005 شغل منصب رئيس الرابطة الدولية للبطاريات.

بين عامي 2000 و2010 عمل أستاذا زائرا بجامعة كاليفورنيا للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأميركية.

بين سبتمبر/أيلول 2010 ويوليو/تموز 2018 عيّن أستاذ كرسي ومدير برنامج مواد البطارية وإدارة البطارية بجامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة.

في يناير/كانون الثاني 2011 شغل منصب المدير المؤسس والرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في شركة "كيه في آي هولدينغ" بسنغافورة.

في يناير/كانون الثاني 2011 أصبح المدير المؤسس والمدير التنفيذي لشركة "كي في آي بي تي إي المحدودة" في سنغافورة.

بين سبتمبر/أيلول 2000 وأغسطس/آب 2020 عيّن مشاركا زائرا في قسم علوم وهندسة المواد بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.

في سبتمبر/أيلول 2019 صار أستاذا زائرا بجامعة فاس الخاصة بالمغرب.

وفي فبراير/شباط 2022 عيّن باحثا ضيفا بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بكاليفورنيا في الولايات المتحدة.

خلال تكريم الدكتور رشيد الزمي في منتدى الاستدامة في مجال الطاقة والبيئة الذي نظم تحت اسمه في تايلاند في 29 نوفمبر 2022 ( رشيد اليزمي) مواقع التواصل

 

الجوائز والميداليات والأوسمة

 

حصل على العديد من الجوائز والميداليات والأوسمة الدولية والإقليمية، من أبرزها:

 

فاز بميدالية جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (آي إي إي إي) عام 2012.

حصل على الوسام الملكي للكفاءة الفكرية من ملك المغرب محمد السادس يوم 30 يوليو/تموز 2014.

فاز بجائزة تشارلز ستارك دريبر من الأكاديمية الوطنية للهندسة (إن إيه إي) في واشنطن عام 2014، وتعتبر بمثابة جائزة "نوبل" للمهندسين.

رشح من طرف جائزة "ماريوس لافيت للمُهندسين المُخترعين، باريس، فرنسا" في مارس/آذار 2016.

منحه وسام "جوقة الشرف" رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس يوم 14 يوليو/تموز 2016، وهو أعلى درجة تكريمية يمكن للحكومة الفرنسية منحها للمخترعين.

كافأته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في مجال الأعمال بجائزة المستثمر العربي للعام في فئة التطبيقات الخضراء يوم 17 سبتمبر/أيلول 2019.

تم تتويجه بجائزة الطاقة التي تحمل اسم البروفيسور ستانلي ويتينغهام، الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2019، بمدينة فوكيت بدولة تايلند يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2023 منح جائزة "فين فيوتشر" الكبرى لعام 2023 مع 3 علماء آخرين هم البروفيسور مارتن أندرو غرين والبروفيسور ستانلي ويتنغهام والبروفيسور أكيرا يوشينو حول "اختراع يهدف إلى إنشاء منصة مستدامة للطاقة الخضراء من خلال إنتاج الخلايا الشمسية وتخزينها ببطاريات ليثيوم أيون"، وتبلغ قيمتها 3 ملايين دولار.

التعليقات

اضافة تعليق