معارك في سنار والجيش السوداني يسترد مباني البنك المركزي ويقترب من القصر الجمهوري
أعلن الجيش السوداني استعادة عدد من المناطق في منطقة جبل موية الاستراتيجية الواقعة في ولاية سنار جنوب شرق البلاد، فيما أحرزت قواته تقدماً آخر في وسط العاصمة وسيطرت كذلك على مباني بنك السودان المركزي وبرج الساحل والصحراء واقترب أكثر من القصر الجمهوري.
بالتزامن، وصل وفد من مجلس السلم والأمن الإفريقي إلى مدينة بورتسودان ـ العاصمة الإدارية المؤقتة ـ لبحث ملف إنهاء الحرب. واشتعلت المواجهات مرة أخرى، أمس الخميس، بين الجيش وقوات الدعم السريع في منطقة جبل موية التي سيطرت عليها الدعم السريع منذ ثلاثة أشهر وتوغلت بعد ذلك جنوباً ثم شرقاً واستولت على مدينتي سنجة والدندر وعدد من البلدات في ولايات سنار. وقال مصدر ميداني لـ”القدس العربي” إن قوات الجيش القادمة من ولاية النيل الأبيض استطاعت بعد أن خاضت معارك ضارية مع الدعم السريع تحرير جبل سقدي وقرية فنقوقة والتي تبعد نحو 6 كلم من جبل موية وأجبرت قوات حميدتي للتراجع.
وأضاف: “تحركت قوات أخرى من مدينة سنار واستطاعت تحرير جبل الأعور ومحطة مياه جبل موية”، مبيناً أن قوات الدعم السريع ما زالت تشن الهجمات لاستعادة تلك المناطق. وأشار إلى أن التقاء الجيوش القادمة من النيل الأبيض مع المتحرك من مدينة سنار تعني عملياً اكتمال تحرير منطقة جبل موية، مشيراً إلى أنه في وقت سابق استعادة الجيش جبل الدود لم يتبق كثيراً لتحرير جبل موية. ولفت المصدر إلى أن استعادة جبل موية من قبل الجيش والمحافظة عليه يعني وضع الدعم السريع في مدينة سنجة وقواتها التي توغلت جنوباً وشرقاً في ولاية سنار في كماشة مع قطع خطوط الإمداد الرئيسية.
وكانت الدعم السريع قد استولت منذ ما يقارب ثلاثة أشهر على منطقة جبل موية هي سلسلة جبلية ممتدة تحيط بها عدد من القرى شمال غرب ولاية سنار وعلى الطريق الرئيسي الذي يربط بين ولايات النيل الأبيض والجزيرة وسنار وتعتبر منطقة استراتيجية وإحدى النقاط الحاكمة في السيطرة على عدة مدن في تلك النواحي.
وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة توثق تقدم الجيش بجبل موية وتصريحات لضباط برتب رفيع في الجيش عن اقتراب تحرير الموقع الاستراتيجي ومطاردة قوات الدعم السريع في ولايتي سنار والجزيرة.
أما في العاصمة الخرطوم، فقد أحرز الجيش تقدماً في منطقة المقرن وسط المدينة، حيث استعاد مباني بنك السودان المركزي وبرج الساحل والصحراء واقترب والقصر الجمهوري الذي لا يبعد من تلك المنطقة سوى 1.7 كيلومتر.
في الأثناء، شن الطيران الحربي عدداً من الغارات على تجمعات للدعم السريع في محيط الجامع الكبير ودمر عدداً من العربات القتالية، وفقاً لمصادر عسكرية.
وإلى ذلك، أطلقت غرفة طوارئ جزيرة توتي نداء عاجلاً لكل منظمات العمل الإنساني للتدخل السريع وإجلاء الأسرة المتواجدة في الجزيرة مشيرة في بيان لها إلى عدم توفر أبسط مقاومة الحياة. ويذكر أن جزيرة توتي ـ تقع عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض في قلب الخرطوم ـ مع تقدم الجيش الذي عبر كوبري الفتيحاب وكوبري النيل الأبيض من جهة أمدرمان بغرض تحرير منطقة وسط الخرطوم، أصبح أهالي الجزيرة في مرمى الاشتباكات العنيفة كما توقفت حركة نقل البضائع والمواد التموينية إلى الداخل. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنها تقع تحت سيطرة الدعم السريع وتفيد المتابعات بإدخال “الدعم” مزيداً من القوات إلى الجزيرة. ميدانياً، كذلك لا تزال المناوشات مستمرة بين الجيش والدعم السريع في الأحياء المتاخمة لسلاح المدرعات جنوبي العاصمة وعدة مواقع أخرى في الخرطوم بحري شمالاً.
بينما أعلنت اللجنة الأمنية في ولاية نهر النيل شمال السودان، أن المضادات الأرضية تمكنت فجر الخميس من إسقاط مسيرتين انتحاريتين كانتا تستهدفان مطار عطبرة. وقال شهود عيان لـ”القدس العربي” إن المسيرات أسقطت خارج المدرج الرئيسي للمطار دون وقوع أي خسائر مادية أو بشرية. وكان الجيش السوداني قد أطلق عملية برية واسعة في العاصمة الخرطوم، الأسبوع الماضي، واستطاعت خلالها عبور عدد من الجسور ـ الفتيحاب، النيل الأبيض، الحلفايا ـ وفرض سيطرته على مداخلها والأحياء المجاورة لها، كما تقدمت قوات الحركات المسلحة المساندة له في عدة محاور في إقليم دارفور ومع المعارك أمس في سنار والتقدم الذي أحرزته في تلك النواحي، يرى مراقبون أن خط الجيش تمضي نحو تطويق قوات الدعم السريع ووضعها في جزر معزولة عن بعضها البعض بهدف إضعافها ومهاجمتها بعد ذلك.
سياسياً، وصل مدينة بورتسودان ـ العاصمة الإدارية المؤقتة ـ وفد من مجلس السلم والأمن الإفريقي وذلك لبحث ملف الحرب وسبل إنهائها مع المسؤولين السودانيين.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها عقب اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل/ نيسان العام الماضي، ويترأس الوفد مندوب جمهورية مصر ويضم سفراء ورؤساء البعثات ومندوبي الدول الأعضاء في المجلس. والتقى الوفد بالنائب العام السوداني محمد طيفور، الذي أوضح حسب وكالة السودان للأنباء أعضاء المجلس بأم لجنة تقصي الحقائق المشكلة من قبل مجلس حقوق الإنسان خالفت اختصاصاتها وتفويضها عازماً أنها لم تلتزم بالمعايير المتبعة في منهجية عمل لجان التحقيق. وبيّن النائب العام تفاصيل الجرائم والانتهاكات التي وقعت أثناء الحرب والتي ارتكبتها قوات الدعم السريع، مبيناً إحصاءات الدعاوى الجنائية المقيدة لدى النيابة العامة والتي تمت إحالتها للمحكمة.
وطالب حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، وفد مجلس السلم والأمن الإفريقي برفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي والضغط لرفع الحصار عن مدينة الفاشر، قال في تصريح عقب لقاء مع الوفد، إنهم طرحوا طريق الحل للمشكلة السودانية بأن تتم كل الحلول وفق الإرادة السودانية وأن تكون الأطراف الدولية والإقليمية أطرافاً مساندة فقط للحل دون التدخل. وفي منحى آخر، رحب وزير الخارجية السوداني، حسين عوض، بقرار الرئيس الأمريكي جو بايدن المتعلقة برفع بعض القيود التي كانت واشنطن تفرضها على السودان بموجب قانون مكافحة الاتجار بالبشر مما يتيح له الحصول على مساعدات تنموية أمريكية والاستفادة من برنامج الرعاية الصحية العالمية للوكالة الأمريكية للتنمية.
وقال إن القرار يمثل تقدماً مهماً في العلاقات بين البلدين ويساهم في جهود إعادة الإعمار خاصة تأهيل القطاع الصحي داعياً الحكومة الأمريكية لاتخاذ مزيد من الإجراءات التي تتيح للسودان الاستفادة من جميع المساعدات التي تقدمها لحاجة البلاد الماسة في ظل الحرب المفروضة عليها والكوارث الطبيعية التي تعرضت لها.
التعليقات
اضافة تعليق